تزيح بولغري الستار عن مجموعتها الجديدة المكرسة للرجال ضمن سلسلة مجموعات عطور لو جيم Le Gemme؛ لتفتح بذلك فصلاً “ثورياً” جديداً في سجل حكاية صانع المجوهرات الروماني. وقد كان مقدراً أصلاً لدار بولغري، سيدة الأحجار الكريمة الملونة، أنها ستجوب يوماً ما كل طرق العالم، لا بحثاً عن التناغمات الخفية بين الأحجار النفيسة وبين العطور فحسب، بل وكشف أسرارها أيضاً.
وعلى هذا، فقد رأت أول مجموعة من سلسلة عطور لو جيم للنساء النور عام 2014 في احتفاء “عطري” بأربعة من الأحجار النفيسة التي صارت مجتمعة تشكل رمزاً من رموز صائغ المجوهرات الروماني. وبإصدارها مجموعة عطور لو جيم الرجالية، فإن بولغري إنما ترسم خارطة عصرية جداً لمملكة الرجولة التي نصبَّت رجل القرن الحادي والعشرين ولي عهد لها. أما عطور المجموعة فهي:
أمبيرو Ambero (العنبر): في آثار الحضارات التاريخية القديمة قاطبة، كالقبور الملكية في مصر ومعبد أبولو Apollo في دلفي، يبرز العنبر كرمز أسطوري من رموزها. وبتدرجاته اللونية، بدءاً بالأصفر ومروراً بالبرتقالي الزاهي وانتهاءً بلون الكراميل، تظل الشمس هي العنصر الأساس في لوحة ألوانه والتي ارتبط بها العنبر – بحكم طبيعته – ارتباطاً عضوياً نظراً للطاقة القوية التي يطلقها. ولأنه اقترن أيضاً بأساطير الانبعاث والشباب السرمدي، فقد كان لكنز جايا Gaia [الأرض الأم في الميثولوجيا الإغريقية] الطبيعي هذا وقع السحر إبّان العصر الكلاسيكي الغابر.
غارانات Garanat (حجر الغارنيت Garnet الأحمر):
وبفضل خصائصه التي اتسمت بالقدسية وبالإثارة الحسية، فقد انتقى السلطان سليمان العظيم حجر الغارنيت دليلاً على حبه للأنثى التي اختارها زوجة له. فقد سلب توهج قطرات الحجر الذهبية اللون لب بطل فتوحات القرن السادس عشر العظيم، الذي كان عظيماً أيضاً في رفعة ذوقه وولعه بقيم الجمال والحب. وتكريماً لهذا البطل وقوة شخصيته قامت بولغري بابتكار عطر غارانات الذي يحمل ضمناً اسم حجر الغارنيت الأحمر النفيس الذي استوحي منه هذا العطر. ولكي يتوهج بضيائه، يتعين صقل هذا الحجر في عملية مماثلة للتجربة المطوّلة التي ينبغي للإنسان اجتيازها استعداداً لامتلاك القدرة على ضبط النفس والتحكم بها ولإنضاج مواهبه وملكاته وتنميتها.
أونيخ Onekh (حجر العقيق الأسود Onyx): يختصر لون الحجر الأسود الغامض جميع السمات والخصائص التي نُسبت، وما تزال تُنسب، لحجر العقيق الأسود الكريم (أحد نوعيات العقيق الأبيض) منذ العصور المبكرة. ويستحضر أسمه في الذاكرة اسم خلقيدون Chalcedon، الميناء القديم الذي كان يطل على بحر مرمرة في آسيا الصغرى (تركيا) والذي أشتهر كأحد أكبر مراكز تجارة الأحجار الكريمة في بدايات العصور الكلاسيكية الغابرة. أما لونه فيفصح بجلاء عن الطاقة الأولية الكامنة فيه. وقد آمن قدماء المصريين بأن هذا حجر العقيق الأسود يعينهم على الانتقال من هذا الشاطئ إلى ذاك؛ من عالم مرئي إلى آخر خفي. وهو، إلى جانب ذلك، الحجر المفضل لدى أوزيريس [أو عزيريس] Osiris، إله الموتى والانبعاث في الوقت عينه، وأصبح في وقت من الأوقات رمزاً للخصوبة الذكورية، ووجد ما يجسده في طمي نهر النيل الأسود اللون.