استكمالاً للمجموعة الشهيرة التي تبتكرها الدار، استلهمنا هذا الفصل الجديد من ثنايا قصة ميرلين الخالدة، مع إضافة ميناء مُدهش يستحضر المناظر الطبيعية الخلّابة التي تحرسها مجموعة دائرية من المُحاربين الشجعان. تصل هذه القصة النبيلة إلى أقصى مكان في العالم، حيث ممر العمالقة الذي يلتقي فيه الخيال مع الواقع. هناك توجد أرض غامضة، أُعيد تصوُّرها الآن من خلال الحِرفية والتعبير اللذَيْن تشتهر بهما روجيه دوبوي.
في أرض العمالقة
تبدأ مُهمّتنا في مناطق أيرلندا الشمالية البعيدة، حيث تلتقي الأمواج المُتلاطمة بالأرض الصخرية المُتصدّعة. وتزعُم بعض الأساطير التي تُحكى عن الملك آرثر، أن ميرلين وقف ذات يوم على هذا الساحل المُذهل. كانت عيناه تتطلّعان على طول ممر العمالقة القديم، الذي تصطف على جانبيه الأعمدة الشاهقة المصنوعة من حجر البازلت البركاني المُتراكب.
وفي أثناء وقوف الساحر على هذه الأرض الضبابية المليئة بالعمالقة، سحبته قوة الممر إلى الداخل على الفور. استمدّتْ أعمدة البازلت السداسية جمالها من البحر وامتدّتْ على مدى البصر بشكلها الهندسي المُذهل وسحرها الحقيقي.
ويُقال إن ميرلين رفع الأحجار مستعيناً بالسحر ونقلها إلى سهل سالزبوري في إنجلترا، ممّا أدّى إلى تكوين الدائرة المعروفة الآن باسم ستونهنج. وقد أصبحتْ هذه الحلقة الحجرية الغامضة النصب التذكاري الدائم الذي أقامه ميرلين تخليداً لذكرى عم آرثر، الملك العظيم بندراغون. ساعد ميرلين ذات يوم بندراغون على استعادة كرسي العرش، وكانت تلك اللحظة حاسمة في أسطورة الملك آرثر، إذ أثارتْ الأحداث التي أدّتْ إلى ولادة آرثر، والسعي النهائي للحصول على الكأس المُقدّسة.
إحياء سحر الطبيعة
الآن، في محاولة لمُحاكاة الأسطورة والزمن – نُعيد إحياء حرفة ميرلين. ولابتكار هذه الساعة، أعادتْ روجيه دوبوي تتبُّع المسار البارز للساحر، مُستغلة السحر الملموس الذي لا يزال من المُمكِن الشعور به اليوم في ممر العمالقة الغامض.
وبإضفاء الفخامة الأصلية نفسها في شكل ساعة، شرعتْ الدار في رحلة حِرفية دؤوبة، مُستعينة بمجموعة كاملة من المواد، مع تطبيق تقنيات فنية مختلفة لتعزيز تأثيرها.
يتكوّن كل ميناء من لوحة أساسية من الذهب الوردي عيار 18 قيراطاً. وقد صُنع بدقّة لتصميم طاولة بها مجموعة من الثقوب والأجزاء السداسية، ثم خضع للمعالجة بطبقة مطليّة باللون الأسود بواسطة الترسيب الفيزيائي للبخار. بعد ذلك، تم الكشف عن عدّة أجزاء من الذهب الوردي الموجودة أسفله باستخدام تقنية الليزر، بالإضافة إلى تعزيز الشكل بنمط أشعة الشمس لإضفاء مزيداً من العُمق، أو بلمسة نهائية غير لامعة.
بعد ذلك وضعتْ الحواجز الشاهقة البالغ عددها 56 يدوياً بعناية فائقة. قد لا يتمتّع الحِرفيون بسحر ميرلين، ولكن بفضل خبرتهم التي لا غُبار عليها وصبرهم، يمكنهم وضع كل برج سداسي في مكانه الصحيح وترتيبه بمجموعة مُتنوِّعة من الارتفاعات، تتراوح بين 0.2 مم و3.7 مم. ولخلق المشهد الأكثر ثراءً وتعقيداً، وضعتْ الدار 28 حاجزاً من البازلت الأصلي، و9 حواجز من الذهب الوردي الصلب، و10 حواجز من الزجاج الأسود على طراز مورانو، و9 حواجز من الزجاج الشفّاف على أجزاء اللوحة الأساسية غير اللامعة المصنوعة من الذهب. تتمتّع كل هذه المواد بصفاتٍ مُميّزة خاصة بها، كما تعمل معاً للتناغُم والتباين بعضها مع بعض.
ولم تكُن وجهة النظر أقل أهمية عند إتمام هذه الرؤية. لم يقتصر المجهود المبذول على تجميع الحواجز البالغ عددها 56، باستخدام ترصيع مُتقن يُمثّل ممر العمالقة الحقيقي فحسب، بل وُضعتْ أيضاً بزاوية مائلة قليلاً، مع وجود نقطة تلاشٍ في مركز الميناء. يُساعد هذا التصميم الوهمي على إبراز الحجم والعمق المطلوبيْن، وفي الوقت نفسه تجنُّب البُنية النخروبية المُعتادة.